في معصرة الزيتون
في طفولتي، كانت أقضي أجمل الأوقات بالاستماع إلى القصص التي يحكيها جدّي. كان رجلًا مفكِّرًا يقدِّر العمل الجاد.
كان رجل أعمالٍ ذا فكرٍ متطوِّرٍ، يستثمر في مجموعةٍ من المجالات من أهمّها شراء قطع الأراضي بهدف تطويرها. وكانت العائلة تجتمع على هذه الأراضي التي حوّلها فيما بعد إلى مزارع شجر الزيتون. ففي كل أسبوع، كان الإخوة وأولادهم والأصدقاء يجتمعون في أحد بيوت الشعر المنصوبة على الأرض ويأكلون خبز الطابون الطازج الساخن ويستمعون إلى جدّي وهو يخبرهم عن خططه للإشراف على زراعة المحصول الذي سيُستَخدَم في ما بعد لإنتاج زيت الزيتون. في تلك الأيام، لم تكن هناك العديد من معاصر الزيتون، واضطرّ المزارعون لإرسال زيتونهم خارج البلاد ليتمّ عصره. ولهذا، وفي عام 1960، سافر جدّي إلى إيطاليا وقام بشراء معصرة زيتون متطوّرة وشحنها إلى البلد. وقد علِمت لاحقًا، أنه تُوفّيَ عام 1969 قبل أن يتم إنتاج أول دفعةٍ من الزيت.
عاشت الحقول بعد جدّي، بهيّةً عزيزةً. وفيما بعد، ألهمتني ألوانها وأصواتها وروائحها العطرة أن أرسم وأبتكر وأمارس اليوغا.
كبرتُ ونما بداخلي حسٌّ قويٌّ بأخلاقيات العمل، فأنا نصف سويديةٍ من جهة أمي، وإذا لم أنشغل بعملٍ ما، أنشغل بالتخطيط لشيءٍ ما. كنت شغوفةً بفكرة أن أبدأ فصلًا جديدًا في كتاب تراث الزيتون في عائلتي...
وهذا ما حدث... وكانت البداية بقطعةٍ من الصابون العضويّ.